بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د. محمد ابو حمور….
حظي تقرير ديوان المحاسبة رقم 72 عن العام 2023 والذي تم تسليمه مؤخراً لمجلس الامة باهتمام واسع في مختلف وسائل الاعلام وتم نشر العديد من مكوناته.
ويشير ذلك الى أهمية هذا التقرير وما يؤديه من دور في توضيح جوانب القصور والخلل في أداء المؤسسات المختلفة.
كما أن بلوغ نسبة الاستجابة للملاحظات والمخالفات التي سجلها ديوان المحاسبة 48% تعد خطوة إيجابية ودليلاً على حرص المؤسسات ذات العلاقة على تصويب أوضاعها والارتقاء بأدائها.
وديوان المحاسبة كما هو معلوم يعتبر الذراع الرقابي لمجلس الامة ويؤدي دوراً محورياً في منظومة الرقابة المالية والإدارية.
وفي هذه المرحلة التي تشهد جهوداً غير مسبوقة في ميدان التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، فان نتائج أعمال ديوان المحاسبة وخاصة التقارير السنوية تشكل أداة للارتقاء بالجهود المبذولة والمساعدة على تلمس مواطن الخلل ليس عبر إصلاحها فحسب بل أيضاً اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمعالجة الثغرات والتأكد من عدم تكرارها.
ونستطيع القول أن تقرير ديوان المحاسبة يُعد أداة توجيهية وعملية للمؤسسات الحكومية وصناع القرار لتعزيز كفاءة الإنفاق العام، وتحقيق المساءلة، ودعم ثقافة الشفافية والحوكمة الرشيدة.
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة الى الجهود التي يقوم بها ديوان المحاسبة بالتعاون مع وزارة المالية لإنشاء وحدات رقابة داخلية ذات كفاءة عالية في مختلف المؤسسات، تكون قادرة ليس فقط على القيام بأعمال التدقيق بل أيضاً العمل على تقييم الأداء وتحسين مخرجات الاعمال وتوفير البيانات التي تبين مواطن الضعف وتشكل قاعدة لاتخاذ قرارات حصيفة.
وتشكل هذه الجهود داعماً لمنظومة الرقابة المالية والإدارية وبما يوفر الجهد ويقلص المخاطر، وهي عناصر أساسية تساهم في تحسين وتحديث أداء القطاع العام وتعزز ثقافة التميز والانجاز وترفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
ومن المهم أن ندرك بان تحديث القطاع العام سينعكس ايجاباً على تحسين بيئة الاعمال والمساهمة في انجاز برامج ومشاريع رؤية التحديث الاقتصادي بفعالية وكفاءة.
لضمان الانعكاس الإيجابي للتقارير والمخرجات الرقابية لديوان المحاسبة على مسيرة الإصلاح لا بد من تضافر الجهود الهادفة الى احداث نقلة نوعية في عمل الديوان من خلال خطته الاستراتيجية وما يبذله من جهود لتأهيل ورفع مستوى كوادره.
مع حرص الأجهزة الحكومية على متابعة الملاحظات والتقارير التي يقدمها ديوان المحاسبة وتفعيل جهود اللجنة المشتركة التي تتابع هذه التقارير، والاهتمام بتوقيت تقديم التقارير شهرياً وربعياً لكي يتم التعامل مع مواطن الخلل بأسرع وقت وبالأسلوب الأمثل.
وهنا لا بد من الإشارة الى مجلس النواب وضرورة تفعيل دوره في الرقابة وايلاء مخرجات ديوان المحاسبة اهتماماً مناسباً، ولعل الجانب الأكثر الحاحاً هو تفعيل المحاسبة والمساءلة من جانب الحكومة بحيث يتم اتخاذ إجراءات فاعلة للتعامل مع التجاوزات ومحاسبة المقصرين بغض النظر عن مستواهم الوظيفي، وتحقيق نسق من التعاون الفعال كفيل بتقليص الأخطاء والتجاوزات في نفس الوقت الذي يساعد فيه على التقدم بثبات لتحديث القطاع العام وتحقيق رؤى ومستهدفات التحديث الاقتصادي، وهذا
