العدالة الدولية في مواجهة الحماية الغربية للكيان

طلال أبوغزاله / 2024

الجدل المحيط بمحاولة “المحكمة الجنائية الدولية” إصدار مذكرات توقيف ضد قادة الاحتلال يعكس التحديات الأوسع في السعي لتحقيق العدالة في بيئة دولية مسيسة للغاية.

خاصة أن نظر المحكمة في إصدار هذه المذكرات ضد مجرم الحرب نتنياهو ووزيرة غالانت تعقدت للأسف بتدخل المملكة المتحدة، حين أثارت الحكومة البريطانية اعتراضات على اختصاص المحكمة في هذه المسألة، متسائلة عما إذا كانت المحكمة تتمتع بالسلطة القانونية لإصدار مثل هذه المذكرات.

لم يُعطل هذا الاعتراض الصادر من قوة كبرى العملية فحسب، بل أشار أيضًا إلى عقبة دبلوماسية كبيرة، حيث يعكس موقف المملكة المتحدة شكوكًا أوسع بين القوى الغربية حول دور المحكمة في معالجة القضايا المتعلقة بالكيان، وهي التي غالبا ما يحميها حلفاؤها من الرقابة القانونية الدولية.

ويمكن قراءة الاعتراض البريطاني كجزء من نمط تاريخي حيث تحاول الدول القوية، خاصة تلك المتحالفة مع الكيان، تقييد نطاق الآليات القانونية الدولية التي قد تتيح محاسبة قادة الصهاينة عن جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، بما يثير شكوكًا حول حيادية العدالة الدولية عندما يتعلق الأمر بالكيان المعتاد على الإفلات من العقاب وانتهاك القانون الدولي.

لكن الوضع اتخذ منعطفًا مفاجئًا مع تغيير الحكومة البريطانية، حيث قررت الحكومة الجديدة برئاسة كير ستارمر إسقاط الاعتراض وبالتالي إزالة عقبة كبيرة أمام إجراءات المحكمة، حيث كانت هذه الخطوة حاسمة لأنها سمحت للمحكمة بالمضي قدمًا في النظر في مذكرات التوقيف دون أن تعوقها اعتراضات لاعب دولي رئيسي.

ولم يكن التأخير الذي تسببت فيه الاعتراضات البريطانية الأولية دون تداعيات إذ قدمت العديد من الدول والأفراد من مختلف الأطياف مذكرات إما لدعم أو معارضة المذكرات، خاصة أن المحكمة ملزمة بمراجعة كل هذه المذكرات بشكل شامل قبل المضي قدمًا، الأمر الذي أدى إلى إبطاء تقدم القضية، عاكسا تعقيدات العمليات القانونية الدولية، خاصة عندما تتقاطع مع القضايا السياسية الحساسة مثل الاحتلال الإسرائيلي.

غير أن هذا الجدل يسلط الضوء على الصراع المستمر من أجل العدالة والمساءلة في سياق الاحتلال الإسرائيلي، إذ يُنظر إلى الاعتراض الأولي للحكومة البريطانية كدليل آخر على المعايير المزدوجة الغربية عندما يتعلق الأمر بالكيان.

ورغم أن هذه الإجراءات القانونية وسيلة حاسمة لمعالجة مظالم الشعب الفلسطيني طويلة الأمد، يبقى الأمل في عدم تدخل الدول القوية بحيث تكون المحكمة وغيرها من الهيئات الدولية قادرة على محاسبة المسؤولين الصهاينة على جرائمهم.

  • مقالات ذات صلة

    فلسطين قضية يعيشها الأردنيون -من كل الأصول والمنابت- بكل جوارحهم طلال أبوغزاله

    فلسطين قضية يعيشها الأردنيون -من كل الأصول والمنابت- بكل جوارحهم طلال أبوغزاله كل حديث عن “الخيار الأردني” و”الوطن البديل” محاولة يآسة بائسة مريضة لبثّ الفتنة، فالدولة الأردنية – قيادةً وشعبًا…

    إصلاح الأمم المتحدة ليس رفاهية بل ضرورة حتمية.. رؤية لإصلاح الأمم المتحدة طلال أبوغزاله

    إصلاح الأمم المتحدة ليس رفاهية بل ضرورة حتمية.. رؤية لإصلاح الأمم المتحدة طلال أبوغزاله ما من شك أن الأمم المتحدة، التي تأسست على مبادئ العدالة والسلام ، لم تعد قادرة…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    منوعات

    غاليري تعلن عن افتتاحها التجريبي في بيروت W CASA

    • أبريل 12, 2025
    • 1 views
    غاليري تعلن عن افتتاحها التجريبي في بيروت W CASA

    غاليري تعلن عن افتتاحها التجريبي في بيروت W CASA

    • أبريل 12, 2025
    • 2 views
    غاليري تعلن عن افتتاحها التجريبي في بيروت W CASA

    الإعلان عن إطلاق منتدى الجمال والصحة النفسية والجسدية 2025 في بيروت: حدث استثنائي يجمع الجمال الرفاهية في قلب لبنان من 24 الى 27 نيسان 2025

    • أبريل 11, 2025
    • 4 views
    الإعلان عن إطلاق منتدى الجمال والصحة النفسية والجسدية 2025 في بيروت:  حدث استثنائي يجمع الجمال الرفاهية في قلب لبنان من 24 الى 27 نيسان 2025

    الإعلان عن إطلاق منتدى الجمال والصحة النفسية والجسدية 2025 في بيروت: حدث استثنائي يجمع الجمال الرفاهية في قلب لبنان من 24 الى 27 نيسان 2025

    • أبريل 11, 2025
    • 6 views
    الإعلان عن إطلاق منتدى الجمال والصحة النفسية والجسدية 2025 في بيروت:  حدث استثنائي يجمع الجمال الرفاهية في قلب لبنان من 24 الى 27 نيسان 2025

    الإعلان عن إطلاق منتدى الجمال والصحة النفسية والجسدية 2025 في بيروت: حدث استثنائي يجمع الجمال الرفاهية في قلب لبنان من 24 الى 27 نيسان 2025

    • أبريل 11, 2025
    • 4 views
    الإعلان عن إطلاق منتدى الجمال والصحة النفسية والجسدية 2025 في بيروت:  حدث استثنائي يجمع الجمال الرفاهية في قلب لبنان من 24 الى 27 نيسان 2025

    الإعلان عن إطلاق منتدى الجمال والصحة النفسية والجسدية 2025 في بيروت: حدث استثنائي يجمع الجمال الرفاهية في قلب لبنان من 24 الى 27 نيسان 2025

    • أبريل 11, 2025
    • 4 views
    الإعلان عن إطلاق منتدى الجمال والصحة النفسية والجسدية 2025 في بيروت: حدث استثنائي يجمع الجمال الرفاهية في قلب لبنان من 24 الى 27 نيسان 2025